تعد التجارب الإنسانية موردا خصبا للأبحاث السلوكية ، لأن سلوك الإنسان متنوع تنوعا لايمكن حصره رغم كل التقدم الحاصل في العلوم النفسية والسلوكية ، ولهذا فحكايات التجارب الإنسانية عن السلوك المضطرب ، قد تكون عونا في كشف أنواع مستجدة من الاضطراب النفسي السلوكي ، في مجتمع لا يخلو من المعاناة النفسية .
الحياة معمل كبير وجامعة عامة تعرفك بشخصيات لم تخبرك عنها المدرسة ، ولا الجامعة بكل مكوناتها ، تعرفها من خلال المواقف والتجارب المباشرة مع الآخرين ؛ لأن سور الدراسة النظري يكاد يعزلك عن واقع الحياة الحقيقي ، ذلك الواقع الذي يتأرجح بين السعادة والتعاسة ، والغنى والفقر، والحب والكراهية ، هذا لا يعني أن المجتمع كتلة من الشرور ، ولا هو أيضا نهر من الخير ، ففيه صفات ملائكية وأخرى شيطانية .
المؤلم أن تقع فريسة لشخصية شيطانية سامة وأنت لا تدرك الأبعاد النفسية لتلك الأنواع من الشخصيات المضطربة السامة ، إنه نوع من الشخصيات التي يصعب تأطير اضطرابها و اكتشاف خداعها ، و طويتها تجاه الآخرين ، لأنها متلونة حسب الموقف ، ومن الصعب أن تدرك ماذا تضمر لك أو للآخرين من حولك أو للمجتمع من خير أو شر ؟
هناك سمات تضيئ بعض ملامح هذا النوع من الشخصيات السامة منها على سبيل المثال لا الحصر : التلذذ بشتم الآخرين في غيابهم ووصمهم بأشد الصفات قسوة وبذاءة بلا مبرر ، لكنها في حضورهم تبتسم لهم وترحب بهم و تمدحهم بأجمل الصفات وتخلع عليهم أجمل الألقاب وكأنه ولي حميم ، دون حياء أو مواربة ، هذه الشخصية المتأرجحة في مشاعرها تجاه الآخرين ، وهذا النوع المتلون بشدة متعدد الوجوه ، كذوب وقد يكون خدوما بدرجة غير معتادة ..لكن بصفة انتقائية وفق معايير غير أخلاقية ، وفي الوقت نفسه يضمر الكراهية بشكل حاد .
هذه الشخصية محبة للسيطرة كنوع من النرجسية المعجونة بالعنجهية ، لكنها سيطرة بشكل ناعم من خلال معسول الكلام ، والتظاهر بالإخلاص المزيف ، والخدمة الانتقائية كل ذلك للتطويق و السيطرة ، و حين يشعر بفقد هذه السيطرة يتحول إلى عدو خفي شرس ؛ فينفث السم من أنيابه الذي يطال عرض كل فاضل و فاضلة ، لا يتورع عن هتك المستور ، دون أن يتبين لما يلقيه جزافا من تهم ، المهم أن يلطخ سمعة النافذ عن سيطرته بكل ما أوتي من قوة وبشاعة ونذالة ، إنها شخصية ناقمة ،وناقدة بشكل فج .
هذه الشخصية حقودة على الصداقات لذلك تلمزها بأقسى العبارات ، وترميها بأقذع التهم ، يؤلمها مرأى الأصدقاء ،وتشعر بالغصة من أي اتفاق أو اجتماع إنساني ، لهذا يحاول التفريق بينهم بما يستطيع ، بالتحريش تارة ، وتلطيخ السمعة تارة أخرى ، واتهام الأعراض مرات وهكذا دواليك ، حتى يهدم جدار الود بينهم ، ويسقي شجرة الشقاق ؛ فإن نجح عامل كل شخص منهم على حدة و كأنه صديق حميم ، وهي شخصية تجيد ، التنكر ولبس الأقنعة والنفاذ داخل التجمعات بقوة ناعمة ؛ ولهذا من الصعب جدا اكتشاف الاعيبه ومكره .
الحديث عن هذه الشخصية المضطربة مؤلم ومقزز لكنه ضروري لبيان خطره . وهي موجودة في كل المجتمعات تقريبا ، تتناقص أعداد هذه الشخصية السامة في المجتمعات التي ينتشر فيها العلم ويرتقى فيها مستوى التعليم ويزداد أعداد المتعلمين ، وتتكاثر مع تفشي الجهل ، وتصدر الجهالة ، ونقص المتعلمين ، فالجهل عدو المجتمعات . هذه الشخصية المضطربة السامة شخصية لم تخبرك عنها المدرسة ، وإنما تكشفها لك التجربة الإنسانية في جامعة الحياة العامة . ولهذا يكفي للتعامل معها رد السلام الواجب .
التعليقات 1
1 pings
Edris Ahmed
2020-02-01 في 7:29 ص[3] رابط التعليق
ما تم ذكره سابقاً منكم هو ما يدور بدائرة كبيره و متنوعه في العلاقات الاجتماعية و محيط العمل و الأهم هم القريبون منا بالعقاب ما لم نفعل ما يريدون، إن أصحاب هذا النهج يعرفون مدى تقديرنا لعلاقاتنا معهم ويعرفون نقاط ضعفنا وأدق أسرارنا، فقد يكون أصدقاؤنا أو أحباؤنا، ولا يهمهم مدى اهتمامهم بنا فهم يستخدمون قربهم منا لتحقيق غايتهم: ألا وهي الرضوخ لهم في مصالحهم الخاصه قد يبدو لنا في البداية بأنهم اوفياء او انهم الوحيدون في عالمنا ما قد يكون هناك افعال لا يرغب بها الضحية وهو المسمى الصحيح له و أما الذئب البشرية غايتهم أنفسهم فقط مما ينتج عن ذالك افعال سلبيه او بما يقلون السحر الذهني و التعبير الصحيح لمرتكب هذا الأسلوب من أباء او أقارب و أصدقاء وغيرهم في عالم به علاقات كثيره حتى خارج أقطار العلاقات الحقيقية و العمل من مدراء و زملاء قد تلاحظ ما ينبهك بأفعاله، و الحل الحقيقي لسراب العلاقة الفاشلة هي عدم المواجه لان النرجسية التي تكون في مرتكبي هذا الفعل متغطرسين الأفضل أن تعتزل كل ما يؤذي لك بالأعذار الواهي و الوقتية وتنهي دائرة الابتزاز العاطفي بخير.