هل وقفت في يوم ما لحظة مع نفسك وتدبرت قول الله تعالى " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ على كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً " آية 70 سورة الإسراء
ألم يكن هذا التفضيل الذي فضله الله تعالى للإنسان على ســائر المخلوقات يستحق التقدير من الإنسان نفسه لنفسه ولــمن حوله من بني جنسه ؟! فلماذا يقع الإنسان في التقليل من هذا الكيان بهتك أعـــــراض النــاس والخـوض في حياتهم بالغيبــة والنميمة ؟
هل تدبرت في يوم ما خطورة ما تصنع عندما تهتك عرض غيرك من البشر ؟ هل أدركت أنها من كبائر الذنوب وهــي التي حرمها النبي صلى الله عليه وسلم تحريما قاطعا في حديثه الشريف فقال صلى الله عليه وسلم " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكـــــم حـــــرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت " متفق عليه
فهتك العرض فعل قبيــــح أيما كان بالإيذاء للآخرين أو بالنظر أو بالقذف بالألفـاظ , أو باللمز أو بالسخرية أو بالغيبة أو النمــيمة فكلهــا محرمة وقد حـــذرنا الإسـلام من الوقوع فيها وأمرنا بحفظ الدين , وحفظ النفس والنسل , وحفظ العرض والعقل حتى لا يتأثر الفرد والمجتمع بكل عمل يفكك كياناته ويصنع العداوة والكراهية بين من يعيشون على أرضه .
ولقد استسهل الكثير منا في هـذه الآونة أن يتحــدث عن الآخــرين , ويغتــابهم بما لا يعــد من آداب الإســلام , وبما لا يليــق بنـا كمســلمين نعرف ديننا حق المعرفة , فصار الكل غارقا في أحاديث الغيبة والنمـيمة وذكر الناس بما يكرهون وتتبع عورات الناس بل وصــل الأمر إلى أحاديث بعض الناس والتطاول على أهــل الفضل والصــلاح كولاة الأمر ورجال العلم والدين وبســطاء النــاس وعامتهم وهذا أمر خطير لو أدرك من نطق به خطــورته على دينه ودنيــاه ما اقترب منه أو نطقــه بلسانه قال تعالى " وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ " آية 12 سورة الحجرات
فمن أدرك وعرف تقوى الله راقب الله في أقواله وأفعاله وتصرفاته , ومن أدرك وعرف تقوى الله حافظ على أعراض الناس وعلى خصوصياتهم , ومن أدرك وعرف تقوى الله تيقن أن سلامة المجتمع وسعادة الحياة في حفظ اللسان ووعي الكلام وسلامة الأبدان من كل قول وفعل .
لذا ونحن مجتمع كــريم يحرص كل الحـــرص على ســــلامة أهله من المفاسد والفتن ويعمل على احترام الآخرين ويعرف حقوق الإنسان قبل أن تقام له منظمات تعِّرفُ الشعوب بمعاييرها , فمجتمعنا مجتمع قــائم على التحلي بالأخلاق والتمســك بالآداب وخـير الصفات لا ننجرف خلف بعض المفاسد ولا نتأسى إلا بكل ما يجلب لنا النفع والصلاح .
وعلى كــل منا أن يتحــلى بتلك التــربية وأن نغرســها في أبنائنا وأن نعلمها لأولادنــا منذ الصــغر ونجعلها مــواثيقا في مساجدنا ومدارسنا ومجالسنا حتى نصل إلى نشر المحبة والسلام بين نفــوس الجميع فلا يكره بعضنا بعضــا ولا يبغض بعضنــا بعضا ولا يهتك عرض بعضنا بعضا ولا يغتاب بعضنا بعض وإذا وصلنا إلى تحقيق هذه المعادلة تأكد أننا سنصـل إلى مجتمع مثـالي في كـل أموره ترابط وتماسك وسلام ونجاح وتقدم واحترام وفوق كل هذه الأمور سيتـوافر الاجتهاد والانشغال بالعمل المثمر وسنسعـــى على خطى قيادتنا الرشيدة لتحقيق الأمن والرخاء والازدهار .
بقلم | فيصل بن فراج بن زيد آل فراج