قال أبن قدامة : أعلم أن الله إذا أراد بعبد خيرا بصره بعيوب نفسه، فمن كانت له بصيرة لم تخف عليه عيوبه، وإذا عرف العيوب أمكنه العلاج، ولكن أكثر الناس جاهلون بعيوبهم، يرى أحدهم القذى في عين أخيه ولايرى الجذع في عينه.
يعرف العارفون أن الإيمان يتجسد في القول والعمل والنيات ومرتبط بصلاح القلب حتى تصلح حركات الجوارح وكلما زاد صلاح الباطن زاد صلاح الظاهر في السعي لطريق الهداية والحق وحسن التعامل مع الآخرين البعض لايشعر بها وقد يتهاون في أمرها ألا أن هي قسوة القلوب.
علامة على جبين الأفراد قد حال بينهم وبين قلوبهم لأن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء فالمؤمن لايملك سعادته وشقاوته المؤمن عليه "يطلب من الله الثبات على طريق الحق والإيمان فالله جل ثتاؤه بيده تقليب القلوب كيف يشاء، هذا يقلب فيرتد عن دينه
وهذا يقلب فيقع بمعصية، وهذا يقلب فيدخل في الإسلام فصلاح العمل بصلاح القلب وفساد العمل مرتبط بفساد القلب
وفي السياق : أن القلب ملك الجسد والحوارح جنوده فهو صاحب القرار والحوارح تنفذ.
كما قال عليه الصلاة والسلام :
( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)
على المسلم أن يعتني بصلاح قلبه ويتفقده بين الحين والآخر ويتجنب المفسدات والأمراض التي تصيب القلب مثل النفاق والحسد والحقد
لقوله تعالى :( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا) سورة البقرة آية 10
وعليه الدعاء اقتداء بستة النبي عليه الصلاة والسلام لقد كان يدعو وهو سيد الخلق " اللهم إني أسألك قلبا سليما وأسألك لسانا صادقا" رواه أحمد
فإن القلب السليم واللسان الصادق من صفات المؤمنون الذين أثنى الله عليهم في سورة المؤمنون، ومن في قلبه نفاق يظهر على الجوارح
فتعمل بصفات المنافقون الذين أذامهم الله في سورة المنافقون ومصبرهم محتوم مع هامان وفرعون حتى لو كان من المسلمين .
قال ابن القيم رحمه الله:
"فالتفاضل أعمال العباد عند الله جل ثتاؤه بتفاض مافي قلوبهم من أعمال القلوب فقد يعمل الرجلان عملا واحدآ والفرق بين عمليهما عند الله كما بين السماء والأرض لتفاضل مافي قلبيهما من أعمال القلوب، وإن الرجلين ليكون مقامهما في الصف واحد وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض."
أهمية القلب في الإسلام :
القلب هو مكان الإيمان ومكان نظر الله إليه لقوله عليه الصلاة والسلام :( إن الله لاينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم)
فطهارة القلب من شروط دخول الجنة، لذلك ذم الله خبثاء القلوب بقوله تعالى :( أولئك الذين لم يرد لله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم) سورة المائدة 41
قال ابن القيم : في قوله تعالى
يوم لاينفع مال ولابتون إلا من أتى الله بقلب سليم ) سورة الشعراء 88-89
" أن القلب السليم هو الذي سلم من الشرك والنفاق والفل والحسد والحقد والشح والكبر وحب الدنيا ونظرة العلو الناس، فسلم من كل آفة تبعده عن الله، وسلم من كل شبهة تعارض خبره، ومن كل شهوة تعارض أمره، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده، وسلم من كل قاطع يقطعه عن الله".
آخر سطر :
من دعاء النبي عليه الصلاة والسلام ( اللهم يامصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك)
والله الهادي لسواء السبيل
بقلم الكاتبة : إلهام عوض الشهراني