عندما تصدر الغيرة من امرأة تنقصها الثقافة والحكمة تصبح مشكلة، فحتى الغيرة يجب أن تكونَ على أساس
من النضج ، ويجب كذلك أن يتحكمَ العقلُ في مشاعر الغيرة حتى تصبح غيرة معقولة !
ومشكلة إحدى الأخوات أنها كانت تدرك الفرق بينها وبين زميلاتها و تقدمهن عليها في العلم والمعرفة والثقافة رغم فارق العمر بينها وبين بعضهن والإختلاف في طريقة التفكير والوعي !
وتدرك كذلك ان الحظ كان في صالحها معظم فترات حياتها وكأنه قد خاصم الجميع من اجلها ووقف في صفها ، وبالرغم من ذلك كانت تشعر دائما بالنقص والحسد وتحاول ان تظهر لهن انها الأفضل !
صفقه مع الحظ ؛
والحظ في الغالب يُفضل الناقصين من البشر ويحقق لهم مالم يتحقق لغيرهم دون عناء ومع ذلك نجدها غير راضية ، و تستغل حاجات الناس لتلبية احتياجاتها التي لاتنتهي .
وعندما يصالح الحظ هذا النوع من البشر كما أسلفت فهو بلا شك يشبههم ، وعندما يساعد الحظ انسانة ذات مؤهلات بسيطة فهو أعمى وغالباً مايساعد الحظ "الأعمى" الناس الذين يشبهون الفقاعات الذين سرعان مايتلاشون بمرور الوقت والذين لايبذلون جهداً ملحوظاً ، وأعود إلى تلك المغرورة بنجاحها بسبب ذلك الحليف "الحظ"الذي وقف إلى جانبها فأعطاها مالم تحظى به غيرها دون جهد فجعلها تعتقد أنها الأجمل والأكمل والأغنى وضخ بداخلها روح العظمة فأصبحت تسيرُ وهي لاترى مَنْ أمامها ولا تحتمل أن يقال لها كلمة حق ، فهي كاملة منزهة عن كل عيب ، فابتعد عنها الأهل والأخوات والزوج والصديقات بسبب غرورها الذي خدعها وقال لها انتي جميلة ولايوجد هناك من هي أجمل منك ولا من هي بإخلاصك ووفائك وتفانيك وكرمك الذي تعتقد أيضا بأنه عطاء وهو في الحقيقة إسراف وتبذير وليس له علاقة بالكرم والسخاء الحقيقيين واوهمها بطيبتها المصطنعة التي هي كذلك مزيج من الكذب والنفاق فصدقت نفسها .
خذلها الحظ ؛
لم تحتمل أن يعرف زوجها امرأة أُخرى ويراها أجمل منها رغم عدم جمال الأخيره فلما خسرت زوجها وبيتها الذي أحبته وألفته ورأت جُل أحلامها تنهار بين أرجاءه أسرعت تبحث عن عالمٍ آخر بدلاً من أن تصمدَ وتحتسب وتحاول أن تقف في وجه العاصفة دون أن تنكسر كي تثبت أنها الأقوى والأبقى وأنها "ياجبل مايهزك ريح" وأنه هو مَنْ خسرها وليست هي ، لقد ضاق بها وبتعجرفها وغطرستها وتكلفها الزائد في الحياة وأصبح يفتش عن البساطة كي يرتاح من تذمرها و طلباتها التي لاتنتهي وعدم رضاها عن أي شيء وعبوسها الدائم وانتقادها لكل شيء لقد كانت حياتها مستقرة ولكن الحظ هذه المرة تخلى عنها فتعثرت ولأول مرة ودون أن يكون ذلك في حسبانها وزلت بها القدم وأدركت أن الحظ هو الآخر قد ملَّها وضاق بها ذرعاً ولكنها لاتزالُ كما هي تكابر وتكابر ولن ترضخ حتى لو تخلى عنها الحظ الذي هو كل شيء بالنسبة لها وليس غيره شيء يمكن أن يساعدها فأصبحت تتمنى أن يعودَ إليها كما كان لتستقيمَ حياتها من جديد وتستمر ..
لكنه أصبح كالسَّراب لاتستطيع الوصول إليه ، وتحول إلى خداعٍ ووهم .
ذكريات لاتنسى؛
وبعد أن خذلها الحظ أصبح يراودها الحنين إلى حياتها وذكرياتها الأولى وعندما استحال عليها الأمر عادت إلى الظهور بمظهر الشباب لتشعر نفسها أنها لاتزال تلك الشابه الصغيرة التي وقع الحظ يوماً في غرامها وأخذ بيدها لتتمكن من صعود ذلك السلم الخشبي القديم المعلق على جدار الطوب فوقفت تتأمل بيوت الطين من حولها وتستغرق في حلمٍ طويلٍ لاينتهي .
لقد كبرت سناً ولكنَّ أحلامها لاتزالُ في طور الطفولة و لاتفهم إنها بحاجه الى برامج مكثفة في تطوير الذات وربما لم تسمع بعلمٍ كهذا ولا تعرف سوى ..
بعض الأناشيد التي طالما رددها الأطفال وراءها ..
والسبورة والأقلام الملونة .
تطوير الذات ؛
ربما لو اقتنعت هذه المرأة أنها بحاجةٍ لبعض الكورسات في تطوير الذات لربما تغيرت حياتها وعقليتها البدائية للأفضل وربما عرفت متى تتحدث ومتى يجب أن تصمت وأن ثرثرتها قد جعلت منها كتاباً مفتوحاً لكل الناس وأصبحت مواطن الضعف فيها مكشوفه حتى لأعدائها ولأن الإنسان أساسه عقل وروح فيجب ألا يتحدث بشيء إلا بعد أن يستشيرَ عقلهُ أولاً .
غرور وتعالي ؛
ومع ذلك ترفض أي نقد يوجه إليها بهدف توعيتها إلى ماغابَ عن ذهنها ..لأنها أكلت في نفسها "من نفسها " مقلباً كبيراً حين خدعتها وجعلتها تظن أنها الكل في الكل وأنها محبوبة من الجميع والكلُ معجب بها و بشخصيتها النادرة ،مثلهم مثل ذلك الحظ الغبي ، وأنها أُعجوبة هذا الزمان لفرطِ إعجابها بنفسها وإن ماعداها من الناس لايساوون عندها صفرا على الشمال وإن الله لم يخلق مثلها بين النساء ولذلك لا تدع فرصة ولا مناسبة إلا وتقومُ فيها بالثناءِ على نفسها وإظهار محاسنها وسرد بطولاتها وإنجازاتها التي تناسبها وتجعل منها امراً عظيماً .
ضيعتْ نفسها ؛
لقد تخلى الحظ عنها و تحول عجزها في بلوغ ماتطمحُ إليه ..إلى شعورٍ بالنقص أمام كل نجاح تراه ، او امرأة حققت مالم تحققه من استقرار أُسري وغير ذلك من نجاحات اجتماعيه أو علمية وعملية فأصابها شعور بالإحباط والفشل واتخذت من نقل الكلام وسيلة للتفرقة بين من تريد أن تكيد له من المقربين !
ولا تعلم هذه المسكينة المغرورة بنفسها أنها هي من ساهمت بشكلٍ كبير في ضياعِ حظها وبيتها بسبب كثرة مطالبها وإسرافها وتبذيرها الدائم وعدم قناعتها ورضاها وطموحها غير المدروس ! ألم اقل لكم أن الحظ نفسه قد تسبب في دمارها ؟ بل في دمارها مرتين ؟ لقد دمرها حين أعطاها فوق ماتستحق ودمرها عندما تخلى عنها بعد أن أعطاها مالا تستحق !
بعيدة عن الواقع ؛
وعندما أُصغي إليها مجاملة وهي تتحدث ، لااملك إلا أن أضعَ يدي على رأسي من هول ماأسمع من خرافات وتفاهات الكلام التي لايقتنع بها عقل إنسان راشد ، انها دائماً في حالة تحدي مع الحياة والأمل في تحويل المحال إلى واقع دون سابق تفكير أو تخطيط ، رغم معاناتها صحيا وترددها على العيادات بسبب رغبتها الملحة في تحقيق المستحيل مما جعل ذلك ينعكس سلباً على صحتها النفسية وفقدانها لثقتها بنفسها .
الخاتمة ؛
الغرور دائماً هو عدو أي نجاح للإنسان وهو في الواقع "خدعة نفسية " تجعل صاحبها يشعر ..أنه الإنسان الوحيد المميز فيصمُ أُذنيه عن سماع أي توجيه أو رأي قد ينفعهُ ويضيف إليه او حتى لتغيير سلوكه وإعادة النظر في بعض تصرفاته ..
ولا ننكر وجود الحظ الذي اختص الله به بعض الناس الذين لايبذلون جهداً كبيراً ، وفي الآية " ياليت لنا مثل ماأُوتي قارون ، إنه لذو حظٍ عظيم " وإذا منّ الله على الإنسان وجعل لهُ حظاً في الحياة عليه أن يشكرهُ ويقنع بما آتاه من نعم ، ويتواضع لله ولا يتنكر لفضلهِ ويطمع أن يزيد !
بقلم
الكاتبه / هيا الدوسري