بقلم: الدكتور محمد هادي القوزي
.
(يوم بدينا) وهذا الوطنُ الذي تشكّلَ من جهادِ الأجدادِ وانصقلَ بفصولِ الأمجادِ، وانكتبَ بجذور راسخة لدولة سعودية عظمى يستمر فيها البناء والتوحيد والتنمية، وقيادة حكيمة أشرقَ من جباهِهم إرث خالد تمثّل في (يومَ التأسيس) فتشكّلتْ من خلاله ذاكرةٌ إنسانيةٌ امتدتْ لثلاثةِ قرونٍ ضاربةً بجذورِها في أعماقِ التاريخِ، "توحّد فيه الناس وازدهروا ، وانتشرت الثقافة والعلوم"، واتخذتْ من سِيرةِ ومسيرةِ هذا الكِيَانِ العظيمِ صفحةً مشرقةً تقرأُها البشريةُ بكل إعجاب، حيثُ أضحى بمكانه ومكانته عبقرية تتماهي فيه الأحداثُ الإنسانيةُ في صورٍ شتى، تؤكّد وجودَنا الحضاري لذلك الإرثِ والأثر لنرسمَه في أجمل لوحة.
ويزدادُ عشقُنا وإخلاصُنا له اتصالاً به وطنًا تضمُّنا جغرافيتُه المدهشةُ وعلاقاته التاريخية العميقة وتجلياته الإبداعية المتميزة التي تُشكّل هُويّة نعتزُّ بها، ونفخر بها وندافع عنها، ونحن إذ نحتفي ونحتفلُ بهذا الوطنِ المجيد لـِما شهدنا -بفخرٍ واعتزازٍ هذه الأيام والليالي- حضورًا وجدانيًا وإبداعيًا تمثّل في (جمعية شغف للفنون التشكيلية) بمحافظة القنفذة وهي ترفلُ في ثوب الفن (بمركز القوز) صنعته باحترافية عالية وقدّمت منتجًا مهمًا يكشف عن جماليات لا بدَّ من مُناخ أو منطلق أدبي ثقافي يتشكّل في رحابها ليكشفان عن روح الجمعية وإبداعاتها ورؤيتها الإبداعية.
وعلى هذا، فإنّ البرامج والفعاليات التي تُقدّمها (جمعية شغف) على أيدي أبنائها شرقًا وغربًا، شمالاً وجنوبًا تُعدّ (نافذة موسمية) تُطلّ قلبًا وروحًا، وتفيض معنى وإحساسًا لهذا الوطن المعطاء، فهو -بأبنائه ورجاله وطبيعته- موطن للخيال وحقل للجمال وسماء من الإلهام والجلال يكتظ على مساحته الشاسعة بالفنانين والمبدعين.
لذلك، فإنَّ (جمعية شغف) بما قدّمته في هذه المناسبة الغالية تُمثِّل ثقلاً أدبيًا ثقافيًا في المحافظة إلى جانب كونها (مصنعًا فنيًا) بامتياز لما تُقدّمه من صياغة جديدة للفن، وتشكيل ملامح واضحة للحياة الاجتماعية في محافظة القنفذة عمومًا وفي مركز القوز خاصة، وهذه نتيجة طبيعية لما يتمتعون به، رئيسها الفذّ وأحد روّاد الفن في المحافظة المبدع عبده بن علي القوزي (الدرمحي) و(الفريق الملهم) معه، من أناملَ ذهبيةٍ وعقولٍ حصيفة وتصوراتٍ واعية، يعبّرون بها عن المسيرة المباركة لبلادنا وتاريخها العريض الشامخ، فقفزوا بها قفزة نوعية لافتة متفرّدة أغنوا الساحة الفنية بكثير من العطاء؛ حين تمثَّلوا تلك الرُّوح المخلصة وشاركوا في صياغة صورة لوطننا في أسمى وأغلى مراحله، ومن هنا كانت (جمعية شغف) رافدًا حقيقيًا مهمًا في محافظة القنفذة في تصوير نهضة المملكة العربية السعودية وذكرى تأسيسها.