كُتاب المقالات
واهمٌ من ينشد الراحة

-
يقضي الانسان أوقاته في هذه الحياة بين العمل والراحة، والأصل أن يكون عاملاً منتجاً لنفسه ولأسرته ولمجتمعه ولوطنه وهنا يأتي معنى الحياة الحقيقي حيث خلق الله الانسان في كبد وساعيا في الارض لعمارتها وتقديم كل ما من شأنه أن يسهم في تطورها ونموها جيلاً بعد جيل.
أما من يظن أن الراحة غاية عظمى يمكن الوصول إليها وتحقيقها والانغماس فيها بعيدا عن العمل الدؤوب، فهو واهم حيث لا يمكن أن يكون هناك طعما للحياة إلا بالعمل ولذة الانجاز وتحقيق النتائج وترجمتها إلى واقع.
إن الجدّ والنشاط يورث النشاط والحيوية وصحة البدن وفي المقابل نجد الكسل يورث الوهن للجسد والعقل وكأن جسم الانسان خُلق للعمل كي يبقى مؤديا رسالته على الوجه الأكمل بداية من آداء العبادات والحفاظ على الصلوات ثم الانهماك بأشغال الدنيا المتفرقة والمتنوعة.
ومن المؤسف في عصرنا الحالي أن تضيع كثير من أوقات الشباب والشابات بالخروج من البيوت والانشغال بقضاء الساعات على وسائل التواصل الاجتماعي تواصلا مع اقرانهم بالحديث أو اللعب يوما بعد يوم ليتفاجأ الشاب أو الشابة بمضي العمر دون الانجاز ولديه نقص كبير في بناء شخصيته كونه وقع أسيراً للعيش في العالم الافتراضي بوقت أكبر بكثير عن الوقت الذي قضاه في عالمه الحقيقي مما ينعكس على ضعف مهاراته العملية والاجتماعية.
وختاما، إن الراحة الحقيقة في العمل ولذة الانجاز وقطف الثمار لكل مجهود يقوم به الانسان ويجب على الانسان العاقل الواعي أن ينتبه لذلك وأن يقوّم انجازه في يومه وفيما يقوم به من أعمال، فلا رحة حقيقة دون عمل مصداقا لقول الشاعر :
” بصرت بالراحة الكبرى فلم أرها
تنال إلا على جسرٍ من التعب “
فالدنيا دار عمل يكدح فيها الانسان بما هو مفيد ونافع له ولغيره لعله يجد من عمله آمله في يوم آخر ننشد فيه تحقيق الآمال بلا أعمال.
✒️أ. د. يحيى بن مزهر الزهراني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى كاتب بصحيفة أخبار الوطن .
اكتشاف المزيد من صحيفة اخبار الوطن
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.