كُتاب المقالات

الحج في العهد السعودي: رحلة تحول حضاري وروحي لا مثيل لها

-

يُعدّ الحج أحد أعظم الشعائر الإسلامية، وموسمًا سنويًا يلتقي فيه الملايين من المسلمين من شتى بقاع الأرض، توحّدهم العقيدة ويجمعهم الرجاء في مغفرة الله ورحمته التي لا تضاهيها رحمة. ومع عِظَم هذا الركن ،أصبحت مسؤولية خدمته ورعايته مسؤولية تاريخية ودينية جسّدتها المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها، على يد “الملك عبدالعزيز رحمه الله “حتى غدت اليوم نموذجًا عالميًا في إدارة الحشود، ورعاية الشعائر، وحُسن الضيافة لضيوف الرحمن،وقبل توحيد المملكة العربية السعودية ،كان طريق الحج محفوفًا بالمخاطر، يشوبه ضعف الأمن وقلة التنظيم، ويفتقر إلى أبسط مقومات الراحة، مما جعل أداء فريضة الحج رحلة شاقة، قد تُفقد فيها النفس أو المال. إلا أن القدر أراد أن تتبدّل هذه الصورة مع تأسيس الدولة السعودية الحديثة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود “رحمه الله ” ،الذي وضع خدمة الحرمين الشريفين والحجاج على رأس أولوياته،
فمنذ عهد المؤسس “الملك عبدالعزيز “رحمه الله “إلى عهد التحول: مسيرة إنجاز لا تنقطع على مر العقود، حيث تعاقبت القيادة السعودية على تطوير منظومة الحج، من توسعة الحرمين الشريفين، إلى إنشاء شبكات طرق وبنى تحتية تخدم المشاعر المقدسة، حتى أصبح موسم الحج مشروعًا وطنيًا وإنسانيًا تديره الدولة بأعلى درجات الكفاءة.
وجاء عهد خادم الحرمين الشريفين
الملك سلمان بن عبدالعزيز” حفظه الله” ليشهد أكبر التحولات الاستراتيجية في تاريخ الحج الحديث، مدعومًا برؤية طموحة وقيادة ملهمة من ولي عهده الأمين، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان “حفظه الله”،وفي عهد الملك سلمان “حفظه الله “تحوّلت مشاعر الحج إلى بيئة ذكية، رحبة، ومتكاملة، تقوم على التخطيط والتقنية والإنسان. شملت المشاريع الكبرى:
– التوسعة الثالثة للمسجد الحرام، والتي تُعد الأكبر في تاريخ الحرم.
– مشروع قطار المشاعر الذي خفف من الازدحام وقلل من زمن التنقل بين منى وعرفات ومزدلفة.
– خدمات صحية متكاملة تشمل مستشفيات ميدانية وفرق إسعافية متخصصة.
– إدارة أمنية وتنظيمية بمشاركة آلاف الجنود ورجال الأمن لخدمة ضيوف الرحمن.
ورؤية المملكة العربية السعودية2030 التي يقودها سمو ولي العهد “حفظه الله” لم تغفل عن الحج، بل جعلت من خدمة ضيوف الرحمن أحد محاورها الأساسية. وأُطلقت مبادرات نوعية أبرزها:
– مبادرة “حج ذكي” التي أدخلت التقنية في كل مراحل رحلة الحاج: من التصاريح، إلى الإرشاد، إلى التوجيه والخدمات.
– تحول رقمي شامل في أنظمة النقل، الإسكان، الترجمة، والتوجيه داخل المشاعر.
– الاهتمام بالاستدامة البيئية، وتقليل البصمة الكربونية للموسم، ورفع كفاءة استخدام الموارد.
وقد صرح ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمدبن سلمان آل سعود “حفظه الله “بقوله
“طموحنا أن نخدم الحجاج بما يليق بمكانة الحرمين الشريفين، وبما يعكس الصورة الحقيقية للإسلام المعتدل والإنساني.” وهي رؤية تتحقق اليوم أمام أعين العالم.
وهنالك أرقام وشهادات تروي النجاح
في موسم حج عام 1444هـ ،حيث استقبلت المملكة أكثر من 1.8 مليون حاج من أكثر من 150 دولة، بدقة تنظيمية عالية جداً.
وقالت حاجة من إندونيسيا: “لم أشعر بالغربة، كل شيء كان مرتبًا، وكأنني في رحلة ملوكية إلى بيت الله.”
وذكر حاج من السنغال: “لم أتوقع هذا القدر من العناية والتنظيم، السعودية رفعت سقف التوقعات.
إن ما تقوم به المملكة العربية السعودية في الحج ليس عملاً موسميًا، بل هو نهج دولة، ورسالة أمة، وأمانة قيادة. والهدف ليس فقط تسهيل أداء المناسك، بل تقديم تجربة روحانية وإنسانية لا تُنسى، يكون فيها الحج رحلة إيمان وسلام وكرامة،وراحه للحجاج.
إن الحج في العهد السعودي ،وتحديدًا في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز “حفظه الله “وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان “حفظه الله” أصبح صورة مشرّفة للإسلام، ونموذجًا عالميًا في الإدارة والإنسانية معًا.
ولم تعد المملكة العربية السعودية تُقدّم فقط الخدمات، بل تُقدّم للعالم رؤية حضارية متكاملة عن كيف يمكن للدين، والتقنية، والإنسان أن يجتمعوا في موسمٍ واحد… هو موسم : الحج.
هذة هي السعودية العُظمى”حفظها الله ”

بقلم:
د.هاله ذياب المطيري
الامين العام للجمعية التاريخية السعودية
ونائبة المشرف على فرع الجمعية التاريخية بمنطقة مكة المكرمة


اكتشاف المزيد من صحيفة اخبار الوطن

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى