صناعة المكان .. فصلٌ خامس

-

– بقلم – خالد العمري –

.
.. وفي أمسية ثقافية باهرة اقامتها جمعية الأدب المهنية في ( رواسي تهامة ) ضمن فعاليات ( شتاء الباحة الأدبي ).. والذي ينسجُ تفرّده أمانة المنطقة من خلال فريق عملها المدهش .. ذكر أمينها ( الدكتور علي بن محمد السواط ) أن الأماكن تُصنع .. وأنها تتحول إلى أوطان حين تسكنها الذكريات .. ولا قداسة للمكان إلا بما يحمله من حكايات … فيما ذكر الزميل الإعلامي ( ناصر العمري ) خلال مداخلته : أن ( صناعة المكان ) فصلاً خامساً ( ثابتاً ) بين حنايا الفصول الأربعه ..

.. فالمكانُ ليس مجرّدَ ( مِساحةٍ جغرافيةٍ ) أو ( حَيِّزٍ أَرْضِيٍ ).. بل هو نَسيجٌ حيٌّ ( يتشكّلُ ) مِنْ تَفاصِيلِهِ .. وكيانٌ نابِضٌ ( يتآلفُ ) مِنْ ملامحه ..

..( فصناعة المكان ) ليست عملاً عشوائياً .. أو أداءً غير ممنهج .. بل فنٌ يتماهى بين ( الدهشة والإتقان ).. وخيالٌ يمتزجُ بين ( الإبهار والدقة ).. ليخلق بيئة تستقطب الرواد .. وتخلد في الذاكرة .. وليُشكّل فضاءً يجذب المبدعين .. ويبقى أثره ممتداً .. وليبتكر فضاءً نابضاً بالحياة .. وراسخاً في الوجدان .. فالمكان الناجح هو الذي يُجيد رواية قصته .. ويُتقن سرد حكايته .. حيث تمتزج فيه الأصالة بالحداثة .. وتتناغم عناصره لتلبي احتياجات الإنسان المادية والوجدانية ..( فمن كهوف الجبال العميقة .. إلى القلاع والحصون العتيقة .. إلى الغابات والأودية والشواطىء الرملية .. إلى الأسواق الشعبية والمتاحف التراثية .. إلى الشوارع والمدن والمساحات العامة ).. كلها شواهد على قدرة المكان على التأثير في الإنسان وتوجيه سلوكه .. وتغيير طباعه .. وتشكيل شخصيته .. وصياغة تصرفاته .. ورسم معالم حياته .. وتوجيه مساراته .. وأنسنة أفعاله ..

.. ولأن المكان هو مرآة المجتمع .. فإن صناعته تحتاج إلى رؤية ثاقبة تُستلهم من ( الماضي ).. وتنطلقُ من ( الحاضر ).. وتستشرف ( المستقبل ).. فالمكان العظيم ليس فقط ما يُبنى بالحجر .. بل بما يُشيّد بهِ من الفكر والازدهار .. ليكون موطناً ماتعاً للذكريات .. وفضاءً واسعاً يلهم الأجيال ..

.. وفي عدد كبير من معالم منطقة الباحة مثل ( كهوف شدا وقرية ذي عين وغابة رغدان وطريق الفيل التاريخي وقلعة بخروش بن علاس ومنتزه الحُسام ).. وغيرها من المواقع التي تُبرز كيف استطاعت الباحة أن تصنع أماكن ذات طابع فريد .. وتحمل قيمة ثقافية وسياحية .. وتعكس انطباعاً جميلاً لزوارها ..