كُتاب المقالات

طبيب الإنسانية و ملاك الرحمة

بقلم: أنس الزبير - السودان

قبل فترة في حياتي السابقة كنت اسمع من يتحدث عن الأطباء،ويثني عليهم ويعدد صفاتهم ومعاونتهم  وانسانيتهم..وكنت أقول في دواخلي “هذا هو واجبهم ” وأرى أن مايقدمونه شئياعاديا غير خارق للعادة..فهم أطباء وهذا عملهم …العلاج وكتابة الروشتات ..ولا اهتم بمايقال .
لأني كنت بعيدا عنهم ..أصاب بانفلونزا او ملاريا اقابل الطبيب واتناول العلاج ..وحديثي فقط عن انواع العلاجات وان الطبيب الفلاني علاجه كان اسرع من هذا وغيره..

ماساقني لكتابة هذا المقال هو انني انا الان -و الحمد لله – .في ابتلاء وإصابة كسر في السلسلة الفقرية احدثت لي شللا نصفيا وضغوطات في النخاع الشوكي .

هنا بدأت تجربتي الحقيقية مع الأطباء في حالة إصابتي داخل السودان وخارجه .وتوالى تواصلى  معهم عبر الهاتف وكلهم اخيار ..من خلال التعامل معهم ..ولكن مادفعني إلى كتابة هذا الحديث الشيق طبيب في دولة البحرين تعرفت علية خلال الاتصال وأرسلت له تقارير بالواتساب لاصابتي (صور رنين  مغنطيسي وغيرها).

استقبلني وكأني في عيادته وكأني امامه وادفع ثمن المقابلة. .طبيب والله  أعجز   عن ذكر محاسنه .. دار بيننا حوار إنساني ارسل لي عبره عددامن التطمينات .

هو الدكتور فاروق   الحمدان Dr Faroog Al Hamdan ..استشاري أمراض الظهر و جراحة العمود الفقري ..جميع الام الرقبة والظهر تخصصه يقع في دائرة اصابتي..
احضر لي شخص رقم تلفونه وعبر  الواتساب ارسلت له التقارير ..راجعها بكل جدية وشخص لي حالتي
بكل أدب واهتمام وشرح لي الاصابة والعملية والدعامات في ظهري. وقال لي إن العملية سليمة لكن تحتاج لمتابعة وعلاج طبيعي ..ومعه أدركت أن العلاج النفسي في الطب 80% والعلاج  بالعقاقير 20%..فحديثه معي زادني قوة وصبرا وصمودا واخرجني من دائرة  الاكتئاب..وزادني يقينا وحسن ظن بالله ..حينها أدركت أن مهنة الطب النبيلة تحتاج إلى مثل  هذة  الصفات التي يتمتع بها دكتور فاروق فهو مؤهل علمياواكاديميا، بدراسة جامعية رفيعة   تمكنه فيها خبرته  العملية الممتازة والجيدة من ممارستها في الدول المتقدمة في هذا المجال وايضا ما يتمتع به من أخلاق عالية  حميدة واحترامه للاخرين واحترام خصوصياتهم وحفظ أسرار المريض كل ذلك لمسته من خلال تعامله معي ..اضافة للاهتمام  الزائد بي وانا بعيد عنه ..فوجدت فيه  صبرا للاستماع لاسئلتي والإجابة عليها بكل  اريحية ورحمة ولطف وسعة صدر ورأفة…فحينما اسأله عن أمر في تخصص آخر كان بكل صدق يقول لي سوف اترك الرد لاستشاري في هذا المجال بعد سؤاله لاجابتك..وفعلا أجد الاجابة !
مع العلم ان كل ذلك  وكل مايدور بيننا اتصال عبر الهاتف فقط. يتم ذلك بكل طيب خاطر  رغم انه في دولة البحرين وانا في السودان ..فكان هدفه الاسمى معاونتي للعيش بصورة طبيعية وقهر اكتئاب المرض لكي  لا احتاج  لمساعدة من اي شخص  والاعتماد على نفسي والا أعتبر  أن الشلل هو نهاية حياة بل اعتبره حياة جديدة عليا التأقلم معها ،و أحاول بقدر الإمكان ممارسة العمل، خاصة وأن عملي يعتمد على المجهود الفكري ولايحتاج لقوة جسدية او اجتهاد بدني  فأنا كما يعرف بعض  الزملاء( صحفي )عملت في بلاط الصحافة فترة طويلة ..فكان الدكتور يبعث في دواخلي روح الأمل والاستعداد النفسي  والروحي .

حيث اوصلني لاستشاريين في مجال التأهيل والعلاج الطبيعي وضعوا لي لبنة قوية ابني عليها في بلدي حسب معارفهم بالسودان ..والحمد لله بدأت العلاج الطبيعي وانا في تحسن مستمر و الدكتور فاروق متابعا معي ومع من يعملون معي ..من أطباء علاج طبيعي وغيرهم .

تعلمت من تعامل د. فاروق  والاهتمام بي دون مقابل، واظن ان مقابله عند الله سبحانه وتعالى ، تعلمت منه أن مهنة الطب مهنه شريفة تحدث تغييرا كبيرا في حياة المرضى حال التزم الاطباء باخلاقياتها ولم ينظروا إلى أهدافها المادية البحتة فهي مهنة سامية عالية المقام عظيمة الشأن، خاصة أن راحة المرضى -بعد الله سبحانه وتعالى- بين أيديهم فهم الأسباب التي تفتح أبواب الشفاء للمرضى وتعلمت أن العمل لمرضاة الله  هو الأفضل لان الله يجزي عليه خير الجزاء .

مادفعني للكتابة عن د فارق الحمدان ..هو اني بعد إصابتي( بالشلل النصفي ومشاكل في النخاع الشوكي) كنت مشدوه التفكير ، تفكيري فقط يدور حول هل سأكون كما كنت ام لا ؟هل سأتعافى ؟ومتى يكون ذلك ؟افكار كثيرة تلعب في رأسي.كنت في فترات حرجة جدا.

ثم ظهر لي الدكتور بردائه الأبيض الجميل ملك من ملائكة الرحمة فبرؤيته وسماعه هدأت النفس مع إنسان نبيل يبذل وقته دون ثمن لراحة الآخرين أبرز صفاته التواضع رغم علو المكان اكاديميا واجتماعيا.. فهوكادر متميز ومن الكوادر النادرة في هذا المجال . فاتح أبوابه على مصرعيها للاستشارة
والرد بكل صدق واهتمام بالرغم من المسافات التي تفصلنا إلا أنه قدم كل مايعرفه لي .

هنيئا للملكة العربية السعودية ومملكة البحرين الشقيقة باحتواء كوادر مثل دكتور فاروق روح واجتهاد وتواضع وانسانية..ودراية ومعرفة وأن من وصلت خدماته بعيدا كيف تكون لمن كان  بالقرب منه  .

مع خالص محبتي وتقديري واحترامي

بقلم : أنس الزبير
صحفي سوداني من ذوي الإعاقة الحركية


اكتشاف المزيد من صحيفة اخبار الوطن

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com