كُتاب المقالات

الإختلاف لا يفسد للود قضية

بقلم: إبراهيم النعمي -

الاختلاف بين البشر سنّة كونية قدّرها الله تعالى، تظهر في صور شتّى وقد ورد ذكرها القرآن الكريم والسنة النبوية، من إختلاف الأجناس والألوان واللغات، إلى إختلاف العقول والآراء وطرائق الفهم. وقد وضع الإسلام منهجًا واضحًا لإدارة هذا التنوع، يميّز بين الإختلاف المحمود الذي يثري العقول ويُنمّي المدارك، وبين الإختلاف المذموم الذي يقود إلى الفرقة والعداوة.

قال سبحانه: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ﴾ [الروم: 22].

وحين يدرك الإنسان أن الإختلاف في الطبائع والتفكير أمر فطري، يتفهم أن هذا التنوع ليس مبررًا لصناعة الخلاف ولا سببًا لنشوب النزاعات. بل هو مساحة رحبة يتداخل فيها العقل مع الخبرة، والذوق مع الرؤية، لتتشكل لوحة الحياة المتنوعة.

ومع التقارب الهائل الذي فرضته وسائل التواصل الاجتماعي، وتزايد مساحات الحوار والأخذ والرد، بات احترام رأي الآخر ضرورة لا ترفًا، ووعيًا راقيًا يحفظ الودّ مهما تباينت وجهات النظر. فقد أصبح العالم أكثر قربًا، وأشد حاجةً إلى لغة تتسع للجميع.

ويؤكد القرآن الكريم هذا المعنى في قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ [الحجرات: 13].

إن إدراك حقيقة التنوع وتقبّله، هو خطوة نحو الوعي، وسبيلٌ إلى بناء علاقات إنسانية راسخة، تنجو من صخب الاختلاف وتحمِل روح الاحترام مهما اختلفت الآراء.

وهكذا يبقى الإختلاف بين البشر ظاهرةً إنسانية راقية إذا أحسنّا إدارتها، وفرصةً لامتداد مساحات التفاهم إن اخترنا لها لغة الاحترام. فليس اختلاف العقول مدعاةً للخصام، بل هو جسرٌ نحو وعيٍ أوسع، وعلاقاتٍ أمتن، وواقعٍ أكثر رحابة وإنصافًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com