أثر عودة الاختبارات على العملية التعليمية

بقلم: أ. د. يحيى بن مزهر الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى - كاتب بصحيفة أخبار الوطن
تُعدّ الاختبارات من أبرز أدوات القياس والتقويم في العملية التعليمية، وقد شهدت السنوات الأخيرة تغيرات كبيرة في نماذج التعليم، خاصة مع جائحة كورونا التي فرضت أساليب جديدة كالتعليم عن بُعد، وأدت إلى تقليص أو إلغاء بعض أدوات التقويم التقليدية، وعلى رأسها الاختبارات الحضورية. ومع عودة الحياة إلى طبيعتها، عاد نظام الاختبارات إلى الواجهة، مما ترك أثرًا مباشرًا على العملية التعليمية برمتها.
أولاً: تعزيز الجدية والانضباط
أحد أبرز آثار عودة الاختبارات يتمثل في رفع مستوى الجدية والانضباط بين الطلاب والمعلمين. فوجود اختبار نهائي أو فصلي واضح الأهداف والمواعيد يحفّز الطالب على المذاكرة المستمرة والمتابعة الدقيقة للدروس، كما يدفع المعلم إلى الالتزام بخطة المنهج وتقديم المادة بطريقة منظمة ومترابطة.
ثانيًا: تقويم واقعي لمستوى التحصيل
تُعدّ الاختبارات أداة مهمة لقياس مدى تحقق الأهداف التعليمية. فبعودتها، يمكن للمعلم والإدارة التعليمية تحديد نقاط القوة والضعف لدى الطلاب، مما يتيح تقديم الدعم اللازم للمتعثرين، وتطوير استراتيجيات التدريس بناءً على النتائج الواقعية.
ثالثًا: تعزيز ثقافة التنافس الإيجابي
يساهم نظام الاختبارات في إحياء روح التنافس الإيجابي بين الطلاب، حيث يسعى كل طالب لإثبات تفوقه الأكاديمي، وهذا بدوره يُنمّي مهارات الاجتهاد، وتنظيم الوقت، وتحمل المسؤولية، وهي قيم ضرورية لبناء شخصية متوازنة ومنتجة.
رابعًا: التحديات المرتبطة بعودة الاختبارات
ورغم الفوائد، فإن عودة الاختبارات تفرض تحديات، مثل الضغط النفسي على الطلاب، وضرورة التأكد من عدالة التقييم لجميع الفئات، خاصة أولئك الذين لا تتناسب قدراتهم مع نمط الاختبار التقليدي. لذا، من الضروري أن تُرافق عودة الاختبارات برامج دعم نفسي، وتنوع في أدوات التقويم، مثل المشاريع، والعروض التقديمية، والأنشطة الصفية.
خامسًا: دور الأسرة والمؤسسة التعليمية
تلعب الأسرة دورًا محوريًا في مساندة الطالب خلال فترة الاستعداد للاختبارات، من خلال توفير بيئة مناسبة، وتشجيعه على المذاكرة، والابتعاد عن التوتر. كما يقع على عاتق المدرسة أو الجامعة مسؤولية إعداد الطلاب بشكل تدريجي للعودة إلى نظام الاختبارات، وتقديم نماذج تدريبية، وبرامج توجيهية تساعدهم على التأقلم.
إن عودة الاختبارات إلى المشهد التعليمي تمثل خطوة مهمة نحو استعادة التوازن في العملية التعليمية، شرط أن تُوظَّف كأداة لتحفيز التعلم وليس لمجرد التقييم. ومتى ما اقترنت بأساليب تعليمية فعالة، ومناخ داعم، فإن أثرها سيكون إيجابيًا في بناء جيل أكثر وعيًا وانضباطًا وكفاءة.
بقلم:
أ. د. يحيى بن مزهر الزهراني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كاتب بصحيفة أخبار الوطن نيوز.
اكتشاف المزيد من صحيفة اخبار الوطن
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.