صحوةُ… ذوي الإعاقة بسبب الحرب

بقلم: أنس الزبير - السودان
كنت بعيدًا عن واقع الأشخاص ذوي الإعاقة، إذ إن انضمامي إلى هذه الشريحة لم يتجاوز سنوات معدودة. لكنني تابعت باهتمام بالغ أوضاعهم على الصعيد الدولي والإقليمي والمحلي.
ركزت في متابعتي على الأجسام التي تُعنى بتمثيل هذه الشريحة، سواء كانت مجالس أو اتحادات. ورغم أن هناك من سبقني وجودًا وسط هذه الشريحة، فقد سبقتهم في المعرفة، لأنني اجتهدت لأفهم، وبفضل عملي الصحفي سنواتٍ طويلة، تمكنت من الوصول إلى مصادر موثوقة، ومن امتلاك أدوات الفهم والتحليل.
لقد كانت مهنتي الإعلامية، بما تحمله من مسؤولية ومهنية، دافعًا لجمع الحقائق ونقل الواقع كما هو، دون تزييف.
وأدركت أن السبب الرئيسي في تفاقم أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة هو غياب القاعدة الحقيقية عن المشهد، وانسحابنا – نحن كأعضاء – من مواقع التأثير، واستسلامنا لفتات يُقدَّم لنا من باب الشفقة، لا من باب الاستحقاق.
إن ما يُمنح لنا هو حق تكفله الوثيقة الدستورية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي وقع عليها السودان. لكنها ـ للأسف ـ بقيت حبرًا على ورق، دون أثر حقيقي في مجالات الصحة والتعليم والتوظيف.
والحرب الأخيرة جاءت لتكشف المستور. أقول ذلك بلسان كل شخص من ذوي الإعاقة تخلى عنه الجميع.
أنا لا أسعى إلى مجد شخصي، أو سبق صحفي بل أتحدث بألم ووجع نيابةً عن فئة ظلمها الواقع، وأقصاها الوضع، وتجاهلتها الدولة، وغابت عنها المجالس والاتحادات المسؤولة عن تمثيلها.
في خضم الحرب، نزح الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة دون كراسي متحركة، ولا أدوات تساعدهم على التنقل.
تعرض بعضهم للقصف، واستشهد البعض، وفقد آخرون أفراد أسرهم. نجا من نجا، لكنه عاش في عزلة وصمت، في مراكز إيواء تفتقر لأبسط المقومات: لا دواء، ولا علاج، ولا غذاء، ولا مرافق صحية ملائمة.
أين المجلس القومي؟ أين الاتحادات؟ لا صوت، لا تمثيل، لا حماية.
لقد آن الأوان للصحوة.
على الأشخاص ذوي الإعاقة أن يطالبوا بحقوقهم، وأن يُحاسِبوا كل من تاجر بمعاناتهم أو تقاعس عن أداء واجبه.
نحن اليوم نرفع الصوت من أجل العدالة، من أجل من لا يستطيعون الحركة، أو الكلام، أو الإبصار. نطالب بحياة كريمة، نطالب بحقوق ليست مِنّةً من أحد، بل هي أساس كرامة الإنسان.
من هنا، أدعو إلى إيصال صوت الأشخاص ذوي الإعاقة المتضررين من الحرب إلى منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، للضغط على الحكومات والجهات المعنية بتحمل مسؤولياتها، وتوفير الحماية والرعاية والتمثيل الحقيقي.
يمكن مخاطبة هذه الجهات عبر الإيميلات والمواقع الإلكترونية الرسمية.
وهذه دعوة صريحة إلى جميع الجهات والمؤسسات ذات الصلة، وإلى كل شخص من ذوي الإعاقة، للتكاتف والانخراط في معركة نيل الحقوق، حتى لا يعاني من يأتي بعدنا كما عانينا نحن.
ترقبوني في مقال قادم، سيكون أقوى، مدعومًا بالمصادر والمعل.ومات.
اكتشاف المزيد من صحيفة اخبار الوطن
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.