
السودان - بقلم: أنس الزبير
في خضم الابتلاءات التي تمرّ بالبشر، تتفاوت درجات الصبر، وتتباين نظرات الناس نحو ما أصابهم. ولكن حين يتعلق الأمر بإصابات مؤلمة كإصابات الشلل والنخاع الشوكي، فإن التحدي يصبح مضاعفًا، ويغدو الأمل والإيمان هما الزاد الحقيقي في طريق المواجهة.
إلى كل من أصابه بلاء، وإلى كل من أثقله المرض أو أقعده الألم، أقول: شفانا الله جميعًا، وزرع في قلوبنا صبرًا لا ينفد، ويقينًا لا يتزعزع، وثقة لا تنكسر برحمة الله القادرة على كل شيء.
لا بد من أن نعيش واقعنا ونحاول — رغم كل شيء — أن نفتح لأنفسنا مساحات للعمل والأمل. لا تستصغر أي جهد، فحتى الهاتف المحمول يمكن أن يكون أداة للعمل أو وسيلة لفعل الخير. ما دمت قادرًا على النية والعمل، فذلك يعني أنك قادر على الإسهام، ولو بالكلمة الطيبة أو بالدعاء أو ببث الأمل في نفوس من حولك.
نحن — كمصابين بالنخاع الشوكي — لا ننتظر أطباء أو خلايا جذعية بقدر ما ننتظر رحمة الله التي لا تحتاج إلى أسباب. ويكفينا أن الله سبحانه أنجى أنبياءه من الكرب، كما ورد في القرآن الكريم:
> “وذا النون إذ ذهب مغاضبًا فظن أن لن نقدر عليه، فنادى في الظلمات: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجيناه من الغم، وكذلك ننجي المؤمنين.”
(الأنبياء: 87-88)
وفي قصة أيوب عليه السلام:
> “وأيوب إذ نادى ربه: أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، فاستجبنا له وكشفنا ما به من ضر.”
(الأنبياء: 83-84)
هذه ليست مجرد قصص، بل وعود إلهية لعباده المؤمنين، أن الفرج آتٍ مهما طال البلاء، وأن لكل ضرّ نهاية، ولكل صابر جزاء.
علينا بالصبر، والدعاء، والصدقة، وصلة الأرحام، والبر بالوالدين أحياءً وأمواتًا. فهذه الأعمال الطيبة تضع البلاء في طريق الشفاء، وتفتح أبواب الرحمة.
الأطباء يعملون، ونحن نعينهم بالدعاء، ولا نملّ من الانتظار، لأننا نرجو أن نكون من الصابرين الذين وعدهم الله بالأجر العظيم:
> “إنما يُوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.”
(الزمر: 10)
وأقولها بصدق: لست أكثركم صبرًا ولا إيمانًا، ولكني فقط عبد ضعيف يذكر إخوانه بكلمات يرجو أن تُحفر في قلوبهم رجاءً لا يخبو، وأملًا لا ينكسر.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، صلاةً تشفي بها ما أصاب النخاع، وتزيل ما في القلب من همّ، وترفع بها البلاء والضر عن كل مبتلى، يا أرحم الراحمين.
أنس الزبير
-صحفي سوداني من ذوي الإعاقة الحركية
اكتشاف المزيد من صحيفة اخبار الوطن
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.