من هم أصحاب الفضيلة؟

-

كتب: أبو بسّام منوّر فيزوز الهندي

يعمّر هذا العالم مليارات البشر، رحل كثيرون منهم، ولا يزال كثير لم يولد بعد. تنوّعت جنسياتهم، واختلفت لغاتهم، وتعددت ألوانهم وأعراقهم، وكلّ واحدٍ منهم شاهدٌ على عظمة الخالق وآية من آياته الدالة على حكمته وقدرته.
جاء في كلام الله سبحانه وتعالى:
وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (سورة الروم:٢٢)
هل هم من عائلات مرموقة؟
من هم أصحاب الفضل الحقيقي؟
هل يتمتعون بجمال ظاهر؟
هل نالوا أعلى الدرجات العلمية؟
فما هو المقياس الحقيقي للتفوق والتميّز؟
وقال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ  (سورة الحجرات:١٣)
ليس جمال الشكل، ولا لون البشرة، ولا وفرة المال، ولا النسب أو الوطن أو اللغة، هي التي ترفع قدر الإنسان وتمنحه السمو، بل إن ما يرفع منزلته عند الله ويكسبه عزه وكرامته هو تقواه وإخلاصه لربه جل وعلا.
جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى (مسند أحمد:٢٣٤٨٩)
فكن تقيًا، فإن التقوى موطنها القلوب. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره الشريف يومًا وقال: “التقوى هاهنا”.
فكن نقيّ السريرة طيّب القلب، فإن الله لا ينظر إلى صورنا ولا أجسامنا، بل ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ، وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ (صحيح مسلم:٢٥٦٤)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر مشابه:
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ (مسند أحمد:٧٨٢٧)

الاحترام لا يُنال بالأنساب ولا يُورث بالمولد، بل يُكتسب بحُسن العمل وصدق النية. وليس التفوق في جمال الهيئة أو زينة المظهر، وإنما في نقاء القلب وتقوى السريرة.