ما لا يُعيده الزمن… نُعيده نحن

بقلم: سراء عبدالله السبيعي -
بعد عامٍ طويل، ترحل سنة من أعمارنا حاملة معها جزءًا منا… وتمضي.
فنحن، في حقيقة الأمر، لسنا سوى أيامٍ تتساقط من تقويم الحياة، فإذا ذهبت، ذهب معها بعضنا.
ولست أكتب هذا المقال في محكمةٍ قاسية تُدين ما ارتكبناه من أخطاء، ولا في سردية ندمٍ عاطفية تسحبنا للوراء،
بل لأقول ببساطة: إن لم تنمُ في فكرك، وإن لم يشتد عود عقلك، وتتغير قراراتك، وتتعلم… فلا ترهق روحك بالندم يا صديقي.
لا تسأل عن الزمن، بل اسأل نفسك: كم نضجت من الداخل؟
قف أمام المرآة، لا لتعدّ التجاعيد، بل لتتأمل التغيرات التي لا تُرى:
نبرة صوتك، طريقة حديثك، رؤيتك للألم، ودرجة وعيك حين تُقابل الأشياء ذاتها بعين مختلفة.
الحياة لا تُعيد ذاتها، لكنها تمنحك فرصة يومية لإعادة تشكيل ذاتك.
لا تقل: “لو أن الزمن يعود”، بل اسأل نفسك: “لو عاد، ماذا كنت سأفعل؟”
ثم افعل الآن… فلا شيء يُوجع أكثر من إدراك متأخر، ولا شيء يُجبر الندم سوى عملٌ صادقٌ في الحاضر.
ازرع في أيامك عادة قراءة، ولو صفحة.
اجعل للقرآن نصيبًا من وقتك، لا من هامشه.
املأ صحائفك بخير: بكلمة، بزيارة، بتطوع، بإنصات، بمغفرة، بنيةٍ صالحة.
فالزمن لا ينتظر المترددين، والتغيير لا يصافح الجبناء.
تعال، حاورني عن فكرة قديمة غيّرتها.
عن رأي كنت تراه “مبدأً” ثم فهمت أنه مجرد ظلّ لمرحلة.
عن تسطيح صار أكثر عمقًا، وعن وعيٍ نبت في قلب العاصفة.
أحب في نفسك التطوير… لا التوقف.
والسؤال… لا الجمود.
والمحاولة… لا التأجيل.
وفي زحام الذكريات، ستبقى هناك لحظات من العام الماضي،
عالقة في القلب، تهمس لك على استحياء:
“لو أن الزمن يعود…”
لكننا لا نحتاج لأن يعود…
ما لا يُعيده الزمن، نُعيده نحن… حين نُغيّر، ونتقدّم، ونُضيء الطريق بما اكتسبناه من ضوء السنين.
اكتشاف المزيد من صحيفة اخبار الوطن
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.