مبروك للوطن بهلالنا

✍🏻 بقلم: سراء عبدالله السبيعي -
كرة القدم ليست مجرد لعبة تُركل فيها الكرة، ولا مباراة تنتهي بصافرة الحكم، ولا أهازيج تصدح في المدرجات ثم تذوي، بل هي اللغة الحضارية التي يفهمها العالم كله، حتى من لم يعرف قواعدها. إنها لغة الشعوب التي لا تحتاج إلى ترجمة، ولا وسيط ثقافي، ولا تأشيرة دخول. يكفي أن تنظر إلى وجوه اللاعبين لحظة تسجيل الهدف لتفهم.
في زمن أنهكته النزاعات وأثقلته الحروب، تبقى كرة القدم جسراً يربط بين الناس، تجمع الخصوم تحت سقف الروح الرياضية، وتحول الهواية إلى ساحة سلام. فكل صافرة بداية تعني فرصة لتأجيل الخلافات، والانتباه لما يوحّد بدلاً مما يفرّق.
واليوم، تفرح السعودية بانتصاراتها الرياضية، التي لا تعني فرحة مؤقتة فحسب، بل رسالة للعالم: نحن ننجح لأننا نعمل، نخطط، ونمضي بثقة في طريق رؤية 2030، المشروع الحضاري الذي يُدار بالعقل، ويُبنى على القيم، ويرتكز على الطموح.
إنجازاتنا الرياضية تتوالى كأمواج على شاطئ الوطن، لا تأتي عبثاً، بل بجدارة. وحين يفوز الهلال، لا ينتصر نادي فحسب، بل ترفع راية السعودية شامخة، ويُردّد اسم الوطن في أرجاء القنوات العالمية. فالهلال، إن كنا منصفين ومنفتحين، هو شرف للسعودية وواجهة مضيئة تعكس أننا نصنع أمجاداً، لا مجرد لحظات عابرة.
فألف مبروك للهلال وللوطن، هذا الإنجاز الذي يرفع سقف الطموح، ويضيء خارطة الرياضة السعودية بألوان الفخر والتميز.
لكن، كما تعلمنا الكرة الفرح، تُعلّمنا أيضاً قبول الخسارة، والاتزان حين لا تسير الأمور كما نريد. في يوم نحتفل بالفوز، وفي يوم آخر نرتقي بدرس الخسارة، لكن تبقى الروح الرياضية هي الكأس الأغلى.
ومن هنا، يجب أن ننبذ التعصب للأندية، ونعلم أجيالنا أن الرياضة ميدان للذوق، لا للحقد. أن نغرس في نفوسهم حب التنافس الشريف، لا كراهية المنافس. فالفوز بلا خلق سقوط، والخسارة بلا احترام فوضى.
كرة القدم يمكن أن تكون البديل الحضاري لكل الفوضى، متنفساً للنفوس، وسفيرة ناعمة لثقافات الشعوب، وأداة فعالة في تقريب القلوب.
دعوا العالم يلعب، بدلاً من أن يحارب. دعوه يهتف فرحاً في المدرجات، بدلاً من الصراخ في ساحات النزاع. دعوه يسجل أهدافاً، بدلاً من تسجيل خسائر في الأرواح.
حين تفوز الكرة… ينتصر الوعي.
وحين تنتصر الروح الرياضية… تنتصر الإنسانية
اكتشاف المزيد من صحيفة اخبار الوطن
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.