فاطمة نور..صانعة الإرادة وقاهرة الإعاقة

بقلم: انس الزبير - السودان
في زاوية مشرقة من مشهد النضال اليومي، تقف فاطمة نور، شامخة بإرادتها، قوية برسالتها، متحديةً لإعاقتها الحركية التي صاحبتها لأكثر من 25 عامًا. لم تكن الإعاقة يومًا حاجزًا أمامها، بل وقودًا دفعها للعلم، وحفظ القرآن، والعمل التطوعي، وخدمة قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة.
تقول فاطمة: “أنا لا أبحث فقط عن حقوق ذوي الإعاقة، بل أبحث عن صانعي الإرادة فيهم، عن الموهوبين، عن من يلهمون المجتمع بإيجابيتهم ونجاحهم.”
عملت فاطمة في جمعية طيبة للإعاقة الحركية لمدة عام كامل، ثم انتقلت إلى جمعية ذوي الهمم، وبعدها إلى جمعية مكن، حيث استطاعت من خلال هذه المحطات أن تتعرف على التحديات الحقيقية التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة، وتنقل صوتهم للمجتمع.
لم يكن طريقها سهلاً، لكنها اختارت أن يكون طريقها طريقًا جماعيًا، تنير فيه دروب الآخرين، وتساند من اختنق بهم واقع الإعاقة وظروف الحياة. تقول: “نحن لا ننتظر الفرص، نحن نصنعها، ونخلق المبادرات التي تعكس وجودنا الحقيقي في المجتمع.”
ومن أبرز مبادراتها التي لاقت صدى واسعًا، مشاركتها مع مجموعة من الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية في زيارة المرضى داخل المستشفيات، وهم على كراسيهم المتحركة، في مشهد مؤثر جسد معاني القوة والانتماء. وتقول إن الفكرة كانت من جار الله عبد الله، أحد ذوي الإعاقة، وقد لاقت المبادرة انتشارًا وتقديرًا عربيًا.
فاطمة أيضًا عضو في نادي الأخوة، أحد التجمعات العربية المهمة التي جمعت نشطاء من السودان، مصر، السعودية، اليمن، المغرب وغيرها. وهناك، تبادلت الأفكار والخبرات مع أسماء لامعة مثل ود إبراهيم، إيناس عابدون، وعبد الله عسكر، الذين تركوا بصماتهم في مجال دعم وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة.
تؤمن فاطمة أن الأشخاص ذوي الإعاقة قادرون على التميز في كل المجالات، وتضرب أمثلة ناجحة مثل الرياضيين محمد الدوثري، وسعد الشهري، ونواف العنيزي، وتقول إن خلفهم يقف رجال عظماء أمثال وليد المالكي، ممن دعموا وساندوا هذه المسيرة بكل إخلاص.
كما شاركت فاطمة في مبادرات تطوعية متعددة، مثل توزيع مياه الصحة في الحرم، ومساندة الفعاليات الدينية والاجتماعية، لتثبت دومًا أن دور ذوي الإعاقة لا يقل أهمية عن أي شريحة أخرى في المجتمع.
ولا تنس فاطمة أن تذكر فضل أسرتها، فتقول بكل امتنان: “وجدت الدعم الحقيقي من اخي صالح محمد نور وأخي عيسى، كانا سندًا لي في تحدي الإعاقة، وهما أول من آمن بي.”
رسالة فاطمة الأخيرة: “لكل من يملك القدرة، لا تتردد في دعم الأشخاص ذوي الإعاقة، يدك قد تصنع فرقًا في حياتهم، وكل دعم – مهما صغر – يصنع أملاً كبيرًا.”
*صحفي سوداني من ذوي الإعاقة الحركية


