كُتاب المقالات

المعلم … جهد .. تحمّل .. صبر مثابرة

بقلم : عبدالله الحكمي -

المعلم ليس كالموظف في قطاع آخر ، المعلم ليس موظف بل هو مربي ومعلم وعلّم الموظف حتى جعله يصبح موظف.
أنا تعلمت على يد المعلم الذي لا أنسى معروفه علي، وايضاً أنا عملت موظف حكومي في غير مجال التعليم، اعلم ان هناك فرق شاسع بين الوظيفتين، اي موظف في اي قطاع مهما كان الجهد الذي يبذله لا يمكن يساوي جهد المعلم.

هذا مبدئيا ومقدمة لما سأكتب عنه .

انتظرنا تغيير الفصول الثلاثة، وكتبنا عنها وطالبنا بعودة الفصلين لكي يكون تسهيل للمعلمين والمعلمات والطلاب، فحدث ذلك ولكن البدايات (………..)

بداية هناك تذمر … وجدل .

المعلمين والمعلمات يتعاملون ويتعايشون مع الطلاب لمدة عام وفي كل عام دراسي يتعاملون مع طلاب بفصول متعددة في كل فصل عشرات الطلاب والطالبات بعقليات مختلفة وافكار متنوعة وقدرات مختلفة وحتى أنماط مختلفة وربما احياناً عادات وتقاليد مختلفة، يتعاملون معهم ويحاولون إيصال المعلومة اليهم جميعا، يبذلون جهود جبارة في ترسيخ العلم في اذهان هؤلاء المختلفين في كل شيء ، فيعيشون بين الفصول مع تطور حياة الانسان ( الطالب ) من طفل في الروضة مرورا بالطفولة المبكر والطفولة المتأخرة إلى سن الخطورة (المراهقة) …

المعلمين والمعلمات تمر عليهم كل تلك المراحل ، يتعاملون معهم تعامل اكثر من أبنائهم ، يبذلون جهود كبيرة لضبط النفس وترويضها للتعامل مع كل المتغيرات ومع هذه الفئات والأنماط والأفكار والعادات ، يجاهدون انفسهم، ويمرون بمراحل من المعاناة والتعب في سبيل تنشأة وتعليم الأجيال، لإخراج نماذج لخدمة الإنسانية بداية لخدمة انفسهم وأسرهم ثم اوطانهم ومجتمعهم، فلن تجد إنسان على وجه الأرض وحتى من هم “في الفضاء” ، من اعلى المناصب إلى اقل وظيفة إلا وهم اخذوا علمهم من المعلم، حتى اولائك ممن يحاولون التضييق على المعلم لولا المعلم لما وصلوا لمناصبهم.

أنا لست معلم وإنما اعرف عمل المعلم والمعلمة اعلم معاناتهم واعلم اختلاف عملهم عن سواهم من الموظفين،

أومن ان المعلم يستحق منا كلنا كمجتمع وحتى من يسيرون العملية التعليمية يحتاج ويستحق منا الاحترام وتقدير عملهم بل من الواجب تفضيلهم عن سواهم من الموظفين من حيث الاجازات والمميزات الوظيفية والتقدير فهم يستحقون اكثر .

السعي الى مساواة المعلم بسواه من الموظفين ( خطأ ) ليس في مصلحة العملية التعليمية ،
المعلم يعمل “مثلما ذكرت آنفا” بشكل مختلف عن سواه،

ونعلم من تجارب الأسر كيف هي معاناتهم مع طالب او طالبين او ثلاثة في المنزل خلال المذاكرات والمراجعات للدروس كم يعانون ويتعبون وبعضهم يشعرون بالضجر ويتوقفون عن مساعدة أبنائهم في المنزل ويجلبون معلمين لذلك ، هذا وهم أبناءه وعددهم قليل فما بالك بمن لديه عشرات ولديه عدة فصول، يتعامل مع المختلفين في كل شيء ، ومع ذلك يصبر ويعطي وينتج !، فهل يستوي وهل من المنطق مساواة معلم مع موظف في قطاع آخر ؟. بالطبع لا ، الموظف لديه خيارات مختلفة خلال تعامله مع المراجعين خلال ساعات العمل، عكس تعامل المعلم والمعلمة مع الطلاب والطالبات فليس أمامهم سوى العمل ومجاهدة النفس على التحمل وبذل الجهد والصبر والمثابرة،

نتذكر سابقاً كان المعلم يحظى بعدة اشهر إجازات، وكان لديه متسع من الوقت للخروج والعودة في حال ليس لديه حصص، وكان يجد اختلاف حتى في السلم الوظيفي،

وفي الآونة الأخيرة شنوا على المعلم حملة منتقدين الإجازة الطويلة “حسب زعمهم وقولهم” وايضاً يقارنون بينه وبين الموظفين ويطالبون بالمساواة، إلى أن وصلنا لهذا الوضع الذي نحن فيه الان بعد أن بدأو ……… يتجاوبون مع تلك الأصوات التي لم تكن محقة في مطالباتها ، وصلنا انه تم تقليل اجازة المعلم، ثم اصبح تحت المراقبة المستمرة حتى لو كان لوحده في المدرسة، اصبح يبقى بين جدران مدرسة خالية من الطلاب لإكمال الساعات المحددة 7 ساعات ( مع ان ساعة المعلم تختلف عن ساعة الموظف )، هذا غير عن عدم السماح بالغياب والاستئذان إلا في اقل الظروف .

اكرر رأيي ان عمل المعلم مختلف عن سواه من الموظفين، واتمنى فعلا ان يتم تفضيل المعلم عمن سواه من الموظفين في كل شي ، كما اتمنى ان يعطى المعلم ميزات أخرى وحوافز، وهذا اقل ما يمكن تقديمه لمن يحترق لأجل أبنائنا وبناتنا ، اقل ما يمكن تقديمه لمن يعانون ويتحلون بالصبر، ويتحملون الصعاب ويعطون من أوقاتهم وصحتهم ومن أوقات أسرهم لأجل الاهتمام بأبناء وبنات الوطن الذين هم سواعد الوطن الذين يبنون ويرفعون اسم وطنهم،،، وكل مواطن في اي منصب ما وصل لما هو فيه الا من نتاج علم وتعليم المعلم .
فالمعلم مفضل عن سواه في الدين والعرف،

قال رسول اللهِ صلى اللهُ علَيه وسلم : فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ثم قال صلى الله عليه وسلم : إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جُحرها وحتى الحوت ليصلون على معلِّم الناس الخير.

فالمعلم هو باني الأجيال، ومصدر النور، وكاد المعلم ان يكون رسولاً في مكانته، كما ورد في شعر أحمد شوقي الشهير: “قم للمعلم وفه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولا”. وتشبيه المعلم بالرسول لم يأتي مدحا عابرا بل هو حقيقة كما شبهه البعض فالمعلم ايضا يخرج الناس من ظلمات الجهل إلى نور العلم، فالعلم نور يعلى به شأن الإنسان والأوطان.
إلا يستحق المعلمون منا جميعا التقدير الكبير لجهودهم العظيمة وألا يستحقون منا الاحترام والتبجيل ؟.

‏أرى واتمنى أن يكون للمعلم والمعلمة ميزة في الأجازات وفي الدوام الرسمي فهم يختلفون اختلاف كلي عن باقي الموظفين بالقطاعات الأخرى بسبب طبيعة عملهم وبسبب ما يقومون به من مجهودات مختلفة كليا عن الموظفين الآخرين،
المعلمين لا يجب أن نكون ضدهم ولا أن نجعلهم يعانون مما يكون سبب في التأثير عليهم بدنيا ونفسياً .
‏كنا ايام الفصول الثلاثة ننتظر تغيير ننتظر أمر يكون مفيد ننتظر أن يتم التغيير إلى الأفضل ونحن لازلنا في أمل بمسيري التعليم أن يتم التعديل، يعني لا يوجد مشكلة ان نتخذ القرارات ثم نعدلها ،، الأمر عادي ليس صعبا .

ومضة: 
نعلم يقينا أن المعلم صاحب رسالة ومكان الثقة ” ألم نأمنه على فلذات أكبادنا ؟” وهو ايضا قدوة في حسن التعامل والأخلاق وفي الانضباط والالتزام، المعلم من تعلمنا منه ذلك كله، فمن يلمزمون المعلمين بسبب تذمر البعض من تطبيق حضوري فهم مخطؤون لا شك ، تطبيق حضوري هو لإثبات الحضور بدلا من الورق ” سجل الحضور ” الذي كان المعلم يوقع عليه حضورا وانصرافاً .. وحضوري يقوم بالدور نفسه تقريبًا، بتقنيات حديثة، حسب الرؤية .
وللعلم ان المعلمين كانوا ولازالوا اكثر انضباطا قبل “حضوري” ومعه وكانوا يضرب بهم المثل في الالتزام بعملهم والتفاني فيه، بل كانوا القدوة في ذلك ،
ورايي الشخصي ان يتم تطوير وتعديل التطبيق وان يرتبط بالمدرسة بدلا من الوزارة، ويكون لإدارة المدرسة صلاحيات في التعامل مع هذا الواقع.

‏المعلمين تحملوا ويتحملون الكثير من المعاناة ونحن نعرف معلمين ومعلمات يأتون إلى أعمالهم من مواقع بعيدة جدا .. بعض المعلمات يتحركن من منازلهن من بعد منتصف الليل ( احياناً برد ومطر وضباب وغير ذلك من مشاكل الطريق) ذهاب وعودة مئات الكيلومترات، وأيضا تحصل حوادث فيها ضحايا إصابات ووفيات ،

رأي: 

سبق أنني كتبت واقترحت أكثر من مرة في اكثر من مقال أن المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات وأولياء الأمور من المفترض أن يكون لهم رأي في القرارات المتخذة أو على الاقل بعضها وكنت أتمنى انه يكون هناك استبيان ينشر ويرسل لكل الطلاب والطالبات وأولياء الامور والمعلمين والمعلمات ليؤخذ برأيهم في بعض القرارات وبعض الإجراءات لأنهم هم أكثر قربا من التعليم .
نحن لا نشك في مسيري التعليم انهم يعملون بجد وحرص ولكن لتكتمل الجودة خذو رأي المعلم والطالب وولي الأمر .

ثم .. التعليم عن بعد بفضل الله نحن متقدمين على كثير من دول العالم في هذا الشأن ، نتذكر أيام كورونا كيف كان التميز ووجد له صدى كبير،
فلماذا لا يطبق في بعض الأوقات في بعض الأيام لماذا لا يطبق بدون عذر او سبب ؟.
إذا كان هناك من يسيء أو من يخطئ بالإهمال او عدم الحضور من بعض الطلبة وقت الدراسة عن بعد بمباركة من بعض أولياء الأمور، ذلك يحدث من قلة قليلة وليس الجميع، فمن غير المعقول أن الجميع ممكن يهمل في الدراسة عن بعد وان وجد شوائب فلا يجب أن نعممها على الجميع،
لان التعليم عن بعد، من أفضل ما تم إقراره في السنوات الأخيرة، فلماذا لا يخصص في كل شهر عدة أيام عن بعد ويتم فيها ثواب وعقاب أيضا للطلاب الذين يغيبون عن المنصة ويتم التعامل معهم كالحضوري ، لان هذه المشكلة ( الغياب عن حضور الدراسة عن بعد ) امرها سهل فيكفي معاملة الطلاب نفس تعامل الحضور ، الذي يغيب عن حضور الحصة عن بعد يتحمل المسؤولية أياً كان بنفس طريقة الغياب عن حضور المدرسة ،
تفعيل الدراسة عن بعد ارى انه من الضرورات وتكون في البداية أيام في الشهر ، ويتم تقييم التجربة بشكل عام بين كل فترة وفترة، إلى نصل الى الأفضل ،
التعليم عن بعد ليس رفاهية بل هو مطلب وضرورة .

ختاماً: 
المعلم والمعلمة لدينا هم قدوة في التعامل والانضباط والإنتاجية، وحسن التعامل والعطاء وبذل الجهود، وهم كذلك لدى الوزارة بمشيئة الله .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com