الحرفيون في عام الحرف اليدوية: مطالب تنتظر الحلول.

مكة -عبير بعلوشه -
منذ القدم كانت الحِرف اليدوية جزءًا أصيلًا من الهوية الثقافية للمملكة العربية السعودية، فهي تعكس ملامح الحياة اليومية، وتُجسّد الإبداع المتوارث عبر الأجيال. ومع رؤية المملكة 2030، حظي الحرفيون باهتمام خاص، حيث أولت القيادة الرشيدة دعمًا متزايدًا لهذا القطاع، إدراكًا لقيمته الاقتصادية والثقافية ودوره في تعزيز الصناعات الإبداعية وخلق فرص العمل. وقد جاءت المبادرات الوطنية المختلفة لتوفّر للحرفيين مساحات للإنتاج والعرض، وتدعمهم بالتدريب والتمويل والتسويق، مما ساهم في إبراز الحرف السعودية على المستويين المحلي والعالمي
وتُعد هيئة التراث إحدى الجهات الرئيسة في المملكة التي أخذت على عاتقها مهمة المحافظة على الحرف اليدوية ودعم الحرفيين، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الموروث الثقافي السعودي. فقد عملت الهيئة على تسجيل الحرف التقليدية وحمايتها من الاندثار، إضافة إلى تأهيل الحرفيين عبر برامج تدريبية متخصصة تنقل الخبرات وتطور المهارات بما يواكب احتياجات السوق.
كما أطلقت الهيئة مبادرات لفتح آفاق جديدة أمام الحرفيين من خلال المعارض والفعاليات المحلية والدولية، مما أتاح لهم فرصًا للتسويق والتعريف بمنتجاتهم. وإيمانًا بأهمية الاستدامة الاقتصادية، وفّرت الهيئة برامج الدعم المالي والاستشاري لمساعدة الحرفيين على تطوير مشاريعهم وتحويلها إلى مشاريع ريادية قادرة على المنافسة.
بهذا الدور المتكامل، تُسهم هيئة التراث في ربط الماضي بالحاضر، وتمنح الحرف اليدوية السعودية حياة جديدة على الساحة الثقافية والاقتصادية
ومع ذالك لا تزال بعض التحديات
تواجه العديد من اصحاب الحرف ،
نواجه جميعًا صعوبة كبيرة في ممارسة أعمالنا لعدم توفر مقرات مهيأة للحرف اليدوية،
بالنسبة لي شخصيًا، أعمل من داخل شقتي الصغيرة، مما يجعل الأمر في غاية الصعوبة، فقصّ ونحت الخشب يسبب نشارة وغبارًا يتطاير ويؤدي إلى اتساخ المكان، ناهيك عن محدودية المساحة التي لا تسمح لي بالعمل بحرية أو تنفيذ أعمال كبيرة.
من هنا، أطالب بإنشاء مقرات للحرف اليدوية تابعة لهيئة التراث، بحيث تكون مراكز متكاملة تجمع الحرفيين وتمكّنهم من ممارسة أعمالهم في بيئة مناسبة وآمنة، إلى جانب استغلالها لتنظيم ورش تدريبية لتعليم الأجيال القادمة ونشر هذه الحرف العريقة
نحن الحرفيين في عام الحرف اليدوية نرفع صوتنا من جديد، آملين أن نجد الحل الذي طال انتظاره.
لسنوات طويلة ونحن نطالب أمانة العاصمة المقدسة …. هيئة التراث ..بنك التنمية …وكل الجهات المسؤولة بأن تخصص لنا مقرات مناسبة نمارس فيها أعمالنا الحرفية ونحافظ بها على هذا الإرث العريق.
اليوم، ما زلنا نعمل في بيوتنا، في ظروف غير مناسبة، وبعضنا لا يجد حتى المساحة الكافية لإنجاز مشغولاته. فالحرف اليدوية تحتاج لمساحة وتجهيزات خاصة، والعمل داخل المنازل يسبب صعوبات كبيرة مثل الضيق والفوضى وانتشار النشارة والغبار، فضلًا عن محدودية الإنتاج.
فقط أماكن مهيأة للعمل الحرفي، حتى لو كانت بإيجار رمزي، لأن دخلنا كحرفيين ليس ثابتًا شهريًا، بل يعتمد على المواسم والمعارض.
إن وجود هذه المقرات سيُحدث فارقًا كبيرًا، فهي ليست مجرد أماكن عمل، بل ستكون ورشًا للتدريب، وحاضنات للحرفيين، وجسرًا يربط بين الماضي العريق والحاضر المتجدد
نطالب أن يُنظر بعين الاهتمام إلى أحوال الحرفيين، وأن يكون هناك لجنة لدراسة مشكلاتهم الحقيقية وتقديم الحلول المناسبة لها.
فالدعم المطلوب لا يقتصر فقط على التدريب والتسويق، وإنما الأهم والأكثر إلحاحًا هو أن يجد الحرفي مكانًا مناسبًا ومهيأً يمارس فيه عمله وينتج إبداعاته.
نحن الحرفيون نحتاج إلى مقرات مخصصة، تكون مظلة آمنة وداعمة، وتتيح لنا بيئة عمل تساعد على التطوير والاستمرارية، ويعزز من استدامة هذا القطاع الذي يُعد ركيزة من ركائز الهوية الوطنية والثقافة المحلية


