المعلم في ميادين الطب والصحة

بقلم/ د. أمل ثائب المطيري - جامعة الملك سعود للعلوم الصحية- وزارة الحرس الوطني
يُعدّ يوم المعلم مناسبة رفيعة تُجسّد معاني الوفاء والتقدير والعرفان لكل من يحمل رسالة التعليم والتوجيه والإلهام. وفي هذا اليوم المميز، يتوجّه التكريم والاحتفاء إلى كادر التعليم في التخصصات الطبية، أولئك الذين يجمعون بين دقّة العلم ونُبل الرسالة، بين العقل الذي يُنتج المعرفة والقلب الذي يُعزّز قيم الرحمة والعطاء
إنّ التعليم في التخصصات الطبية لا يُخرّج مجرد مختصين في مجالات الصحة، بل يُنشئ مهنيين يحملون أمانة حياة الإنسان وصحته. ومن هنا، يتجلّى الدور الجوهري للمعلم في هذا الميدان، إذ ينهض بمسؤولية إعداد الكفاءات القادرة على خدمة الإنسان والمجتمع بعلمٍ راسخٍ وسلوكٍ إنسانيٍّ رفيع
ويمثل كادر التعليم في التخصصات الطبية الركيزة الأساسية في بناء المنظومة الصحية المتكاملة، من أطباء وممرضين وصيادلة وفنيين ومعالجين واختصاصيين في مختلف فروع العلوم الصحية. فهم الذين يُعلّمون طلابهم كيف يجمعون بين المعرفة الدقيقة والضمير المهني، وبين الممارسة التقنية والبعد الإنساني في التعامل مع المريض والمجتمع
ولا يقتصر دور عضو هيئة التدريس في هذه التخصصات على نقل المعلومات أو تدريب المهارات، بل يمتدّ إلى تشكيل الشخصية المهنية والأخلاقية للطالب. فهو الذي يزرع فيه قيم الدقة والانضباط، ويغرس في وجدانه معنى المسؤولية والرحمة، ويقوده إلى أن يكون عنصرًا فاعلًا في الارتقاء بجودة الرعاية الصحية. ومن خلال إشرافه العملي في المختبرات والمستشفيات والمراكز البحثية، يُحوِّل المعلم المعرفة النظرية إلى ممارسة واقعية مسؤولة تراعي العلم والإنسان في آنٍ واحد
فيوم المعلم هو لحظة اعترافٍ بجميل من كرّس وقته وجهده وفكره لتخريج المهنيين الصحيين الأكفاء الذين يلبّون احتياجات المجتمع ويصونون صحة الإنسان. كما أنه مناسبة لتأكيد أن النجاح في كل ميدانٍ صحيٍّ هو امتدادٌ لجهد معلمٍ صادقٍ غرس بذرة العلم وسقاها بالصبر، فأنبت منها كفاءاتٍ تواصل المسيرة في خدمة الحياة
ويتميّز التعليم في التخصصات الطبية بأنه علمٌ تطبيقيٌّ مرتبطٌ بالواقع الإنساني، فالمعلم هنا لا يعلّم نظرياتٍ فقط ، بل يُعلّم كيف تُترجم المعرفة إلى خدمة، وكيف يُصبح العلم وسيلةً لحماية الإنسان ورعايته. وفي قاعات الدراسة وأروقة التدريب الإكلينيكي، يعمل كادر التعليم الطبي على بناء جيلٍ من المتخصصين المتمكنين علمًا، والمتمسكين بأخلاق المهنة، المؤمنين بأن الرعاية الصحية ليست عملًا فحسب، بل رسالةٌ تحمل في جوهرها قيم الإنسانية والرحمة
إنّ كل معلمٍ في التخصصات الطبية يزرع في طلابه تلك القيم الرفيعة التي تُميّز العاملين في المهن الصحية، فيُعلّمهم أن جودة الأداء لا تنفصل عن نقاء النية، وأن المعرفة الحقيقية تُثمر حين تُوجّه لخدمة الإنسان
وفي يوم المعلم في التخصصات الطبية، نعبّر عن فخرنا وامتناننا لكل معلمٍ ومعلمةٍ جعلوا من العلم وسيلةً لبناء الإنسان وحماية الحياة. فأنتم كادر التعليم الصحي تمثّلون العقل الذي يُنير طريق المعرفة، والقلب الذي يُلهم طلابه حبَّ المهنة والإنسانية. إنّ الاحتفاء بكم في هذا اليوم هو احتفاءٌ برسالةٍ لا تنتهي، وبعطاءٍ لا يُقاس بالزمن، وبأثرٍ خالدٍ في حياة كل من تعلّم على أيديكم. فلكم كل الشكر والتقدير على ما تبذلونه من جهدٍ وإخلاصٍ في إعداد الأجيال الطبية الواعية، التي تحمل مشعل العلم لتضيء به دروب الإنسانية
وأخيرًا، شكرا لكل معلمٍ ومعلمةٍ في التخصصات الطبية، على ما يقدمونه من علمٍ نافعٍ وجهدٍ مخلصٍ وعطاءٍ لا يعرف التوقف. جزاكم الله خير الجزاء على رسالتكم النبيلة، وعلى ما تغرسونه في نفوس طلابكم من علمٍ وقيمٍ وإنسانية. كل عامٍ وأنتم بخير، وكل يومٍ وأنتم منارات علمٍ وعطاءٍ وأملٍ متجدد


