كُتاب المقالات

القراءة: مفتاح العقل والاتصال الإنساني

بقلم: أنس الزبير -السودان - صحفي سوداني من ذوي الإعاقة إعاقة حركية

تُعد القراءة من أهم العمليات العقلية التي تميز الإنسان عن غيره من الكائنات الحية، إذ لا تقتصر على مجرد فك رموز مكتوبة، بل تتعداها لتصبح وسيلة فكرية وتفاعلية عميقة. من خلال القراءة يربط الإنسان بين اللغة المنطوقة والرموز الكتابية، ويُسهم هذا الربط في تثبيت الفهم وتنمية الإدراك، مما يجعل القراءة مفتاحًا أساسيًا للتطور الذهني والاتصال الفعّال.
تعتمد القراءة على ثلاثة عناصر رئيسية: المعنى الذهني الذي يُفهم من النص، واللفظ الذي يُنطق به هذا المعنى، وأخيرًا، الكلام المكتوب الذي يجسد هذا الفهم على الورق أو الشاشة. من خلال هذا التفاعل، تتحول القراءة إلى عملية فكرية تعكس قدرة الإنسان على الفهم والتحليل والاستيعاب.
اللغة تمثل الركيزة الأساسية لهذه العملية؛ فهي الوسيلة التي يعبر بها الإنسان عن أفكاره ويستقبل من خلالها معارف الآخرين. ويمتلك الإنسان قدرات لغوية تُمكنه من التعبير عن نفسه بوسائل متعددة تشمل الكلام، والاستماع، والقراءة، والكتابة، وهي كلها تشكل ما يُعرف بالاتصال اللغوي.
تشير العديد من الدراسات إلى أن القراءة تُعد أسهل من الكتابة من حيث التلقي والمهارة، إذ يبدأ الطفل في تعلم القراءة من خلال الاستماع للكلمات التي تتكرر في محيطه الأسري والاجتماعي، مما يتيح له إدراك المعاني وربطها بالألفاظ قبل أن يتمكن من كتابتها. وهذه السلاسة في التعلم تجعل من القراءة بوابة مبكرة للمعرفة.
وتتنوع القراءة بين نوعين رئيسيين؛ الأول هو القراءة السرية التي يمارسها الفرد بصمت بينه وبين نفسه، والثاني هو القراءة الجهرية التي تُستخدم في التعليم والتوجيه وتمثيل النصوص والمحتوى الأدبي والعلمي. هذه الأنواع تُسهم في تعزيز الوعي وتبادل المعرفة بين الأفراد، وتلعب دورًا كبيرًا في تطوير المهارات التعبيرية.
تلعب القراءة أيضًا دورًا محوريًا في الإعلام بمختلف أشكاله؛ سواء في الصحف الورقية، أو البرامج الإذاعية، أو أخبار تقارير التلفزيون. فالمادة الإعلامية المقروءة تُمكن المتلقي من التفاعل الذهني مع المحتوى، وتمنحه وقتًا للتأمل والتحليل، على عكس المحتوى المرئي الذي يُستهلك بسرعة ولا يترك أثرًا طويل الأمد في ذهن المشاهد. لهذا نجد أن الكثير من المتابعين لا يتذكرون تفاصيل التقارير التلفزيونية كما يتذكرون ما قرأوه في الصحف الورقية أو الإلكترونية.
وفي النهاية، تبقى القراءة ضرورة حياتية لا غنى عنها، فهي وسيلة الإنسان لفهم العالم، وبوابة للفكر والإبداع، وجسر للتواصل الإنساني. ولولا اللغة لما وُجدت القراءة، ولولا القراءة لما تطور الفكر البشري ووصل إلى ما هو عليه اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com